أبطال وخونة ... أسرار العملية 007
عمليه ناجحه للموساد ضد المخابرات العراقيه
هروب أول طائرة حربية عربية إلى "إسرائيل
فى فترة الستينات من القرن العشرين، حيث كان الصراع على أشده بين القوتين العظميين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، فلم تكن هناك فرصة ولو ضئيلة لالتقاط الأنفاس داخل أجهزة مخابرات البلدين، كما كان هناك سباق محموم في تكنولوجيا التسلح لأجل السيطرة والتفوق والتميز والهيمنة، فكان من المنطقي، تبعا للعبة المصالح، ان يتحول التنافس بينهما الى حرب خفية يديرها رجال اذكياء مهرة، لاستكشاف نقاط الضعف والقوة وصنع المستحيل للوصول الى أسرار الخصم.
ففي تلك المرحلة تم اعتماد ميزانية ضخمة وصلت الى ستة مليارات دولار لجهاز المخابرات المركزية الأمريكية، سمحت لهذا الجهاز بتوسل التكنولوجيا المتطورة العالية واستيعاب 250 ألف موظف وعميل انتشروا في سائر المعمورة لتحسين فاعلية الجهاز وقوة تأثيره بحيث استطاع اسقاط الحكومات في جواتيمالا والكونغو وقبرص واندونيسيا وايران، والتصفية الجسدية لرؤساء الدول المعارضة لهذا التوسع حيث تم اعدام رئيس الدومينيكان رافائيل تروجيللو أمام قصر الرئاسة بوساطة متفجرات حوتها الحقائب الدبلوماسية المغلقة، واغتيال الرئيس الفييتنامي نجودين دييم بذات الوسيلة، ثم اغتيال الرئيس الأمريكي نفسه جون كينيدي بتخطيط مازالت أسراره شبه مكتومة حتى الآن، واغتيال المناضل ارنستوتشي جيفارا ونجاة الرئيس الكوبي فيذل كاسترو من عشرات محاولات الاغتيال، وتصفية عالمة الذرة المصرية سميرة موسى عام ،1952 والكاتب المكسيكي المشهور إلما بويل بوينديا، واغتيال الطيار العراقي النقيب شاكر محمود يوسف وزميله حامد ضاحي بالتعاون مع الموساد “الاسرائيلي”.
أهمية الميج 21
تتميز الميج 21 بسرعة 2062 كلم/ساعة في دائرة مغلقة طولها 500 كلم، وبسرعة 1298 كلم/ساعة في دائرة مغلقة طولها 100 كلم وبلغ اقصى سرعة مستوية للطائرة 2375 كلم/ساعة في حين كانت السرعة بمقدار النصف عند السكاي هوك في ذلك الوقت و1،4 للفانتوم و1،5 للميراج وكانت قياسات الطائرة محيرة اذ بلغ عرض اجنحتها 7،60م وطول جسمها 16،75 وهذا ما لم يتوفر للطائرات الأمريكية الفرنسية وتحولت الى لغز من الألغاز والأهم من ذلك كله ان كل هذه الميزات كانت موضوعة بين ايدي الطيارين العرب وتفتقد اليها “اسرائيل” فكانت الرغبة عارمة لكشف أسرارها عن قرب، فصارت هدفا للسعي الأمريكي “الاسرائيلي” لاختطاف احداها للوقوف على خفايا قوتها.
وعندما تكتشف في نهاية القصة كيف ان المخابرات “الاسرائيلية” الموساد قامت بنقل عائلة الطيار الخائن بكاملها من العراق الى ايران ومن هناك الى “اسرائيل” لطمأنته للقيام بهروبه ندرك مدى أهمية هذه العملة وقوتها وحجم الميزانية التي وضعت لتحقيقها.
وفي ذلك الوقت، في نهاية العام 1961 ألقت المخابرات المصرية القبض على الجاسوس المصري جان ليون توماس وهو ارمني الأصل واعترف خلال التحقيق ان “الاسرائيليين” اغروه بمبلغ ضخم إذا استطاع تجنيد طيار مصري يقبل الهروب بطائرة ميج 21 الى “اسرائيل” مقابل مليون دولار، فبات الأمر بعد انكشافه واعدامه أكثر صعوبة.
واالجدير بالذكر ان مخابرات البلدين امريكا و”اسرائيل” تدارستا مشاريع عدة لاختطاف الطائرة ومنها:
اعتراض طائرة مصرية أو سورية واجبارها على الهبوط في “اسرائيل” ولكن الفكرة رفضت لأن “اسرائيل” لا تمتلك طائرة تماثلها قوة، ولأن قيام تشكيل “إسرائيلي” بالاعتراض في ظل مهارة الطيارين العرب سيؤدي الى خسارة الطائرات “الاسرائيلية” وطياريها وفي ذلك رفع للمعنويات العربية.
أو زرع عميل طيار في أحد اسلحة الجو العربية ولكن رفض الاقتراح لأنه يستلزم فترة طويلة ليست في مصلحتهم ونسبة نجاحه لا تتعدى الواحد في المائة، ومن هنا اعتمد الخيار الأخير وهو تجنيد طيار عربي وإغراؤه بمبلغ كبير للهروب بطائرته الى “اسرائيل” وكان الأمر يحتمل النجاح بنسبة 25% ولذا بدأ التنسيق المخابراتي لمعرفة أي معلومة ولو كانت تافهة عن طياري مصر وسوريا والعراق من خلال العملاء في العواصم العربية ومن خلال ما تنشره الصحافة العربية في صفحات النعي والاجتماعيات.
الواقع “الإسرائيلي”
ويجب ان ننتبه بعد ذلك لواقع المخابرات “الاسرائيلية” في تلك المرحلة والصراعات التي كانت قائمة بين اجهزتها، وخاصة بين أيسير هاريل رئيس الموساد المقرب جدا من رئيس الوزراء والمهيمن على جهاز المخابرات العسكرية “أمان” وهو الجهاز الذي تولى رئاسته اربعة جنرالات كان أولهم أيسير بيري الذي استبعد لانتهاكه الحقوق المدنية، ثم بنجامين جيبلي الذي أبعد اثر قضيخة لافون في مصر وياهو شافات هاركابي الذي أبعد لسوء ادارته في عملية تعبئة لاحتياطي الجيش وحاييم هيرتزوج الذي انسحب بعدما فشل في ابعاد سيطرة هاريل عن جهازه وباستقالته عام 1962 واختار بن جوريون مائير عاميت الجنرال في جيش الدفاع وذا النفوذ داخل الجيش والذي آثار اختياره تخوف هاريل من ان يكون بن جوريون اختاره لتهيئته خلفا له وهو ما حصل عام ،1963 عندما حصلت فضيحة القبض على عميلين للموساد في سويسرا هددا ابنة عالم الماني يعمل في القاهرة فأبعد هاريل وتولى عاميت رئاسة الموساد وكان حينها منشغلا بفهرسة قوائم الطيارين العرب وتحليل البيانات والمعلومات التي يتوصل اليها فاعتمد رئيساً للموساد مسؤولا عن التجسس في الخارج اما مكافحة التجسس في الداخل فاوكلت الى جهاز “الشين بيت” فكان عاميت أول رئيس للمخابرات العسكرية يتولى رئاسة جهاز الموساد الأمر الذي أوقعه في مأزق الاستقالات الجماعية لاحضار هاريل من حهازه فدفع بدماء جديدة الى جهازه وطار الى اوروبا للتنسيق مع رجاله هناك حيث فوجئ باستقالة بن جوريون في غيابه وتولي ليفي اشكول مكانه إلا أن المفاجأة حملت اليه ميزانية اكبر للموساد لاستحداث المزيد من معداته وأدواته ومعامل البحوث الفنية وضم المزيد من الخبراء الى الجهاز ونقل المقر الى موقع أوسع وبعد مرور أقل من سنة على تولي عاميت أمر الموساد هرب الطيار المصري عباس حلمي الى “اسرائيل” بطائرة تدريب سوفييتية قديمة من طراز “ياك 15” ذات مقعدين، وعلى الرغم من خيبة أمل “الاسرائيليين” من نوع الطائرة إلا ان العملية التي قام بها طيار مشوش العقل مصاب بانفصام في الشخصية استغلت للدعاية لجهاز المخابرات “الاسرائيلي” لتشجيع سواه على الهروب، في حين ثبت ان الطيار كان قد احب فتاة الى درجة الجنون ثم فوجئ بها عند عودته من احدى اجازاته عارية في فراش صديقه الذي لم يكن يعرف انها خطيبته فرجع الى قاعدته في حالة اكتئاب وعندما اقلع بالطائرة لتجريبها بعد صيانة أجريت لها هرب إلى “إسرائيل”.
وفجأة.. توقعوا النجاح
في العام 1965 تلقت المخابرات “الاسرائيلية” برقية من جون ميكون مدير جهاز المخابرات المركزية الأمريكية بوصول طيارين عرب من قادة الميج 21 في الولايات المتحدة الأمريكية في دورة تدريبية، وان المطلوب التنسيق من أجل تجنيد أحدهم.
وفي تلك المرحلة واثناء ابتهاج المخابرات “الاسرائيلية” بتباشير النجاح ألقي القبض على الجاسوس “الاسرائيلي” ايلي كوهين من قبل المخابرات السورية واعتقال الجاسوسين الأمريكيين فرحان الأتاسي وعبدالمعين حاكمي ايضا في سوريا وسقوط الجاسوس وولفجانج لوتز في القاهرة ومعه زوجته فكانت الضربة قاصمة ولذا عزم عاميت على اللعب بكافة السبل للوصول الى الطيارين العرب وكانوا من العراقيين فتم اختيار ثلاثة منهم أولهما النقيب الطيار شاكر محمود يوسف وكان وفق معلوماتهم مغامرا ينتهز اجازاته لتصيد الفتيات، وثانيهم الملازم أول الطيار حامد ضاحي وكان متدينا خجولا لا يصاحب الفتيات ولا يقيم علاقات لكنه يرتاد البارات ونوادي الليل وان كان لا يشرب الخمر، وثالثهم النقيب الطيار منير روفا وهو الطيار الوحيد المسيحي بينهم وكان المطلوب رقم واحد بسبب سهولة استغلال لعبة العقائد والاقليات في عالم الجاسوسية ولكن لوحظت ملازمته للقاعدة العسكرية حتى في اجازاته.
نهاية الحلم[b]